الاثنين، أبريل 21

آخر الخط




أي طريق كان قريب أو بعيد لا بد له من نهاية تختم وجهة من يسلكه سواء أكانت تلك النهاية هي النهاية الحقيقية لهذا الطريق او كانت هي نهاية المقام الذي قصده السالك فحسب

ومهما قرر السالك الشروع في طريقه بغض النظر عن وجهته و بغيته فإنه قد يجد ما من شأنه أن يعينه او يعيقه لإتمام وصوله إلي آخر هذا الطريق

تأملت حديث حبيبي وشفيعي صلي الله عليه وسلم الذي يقول فيه

حفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات ‌(صحيح الجامع3147)

فمن الناس .. وهم كُثر .. من يعمل لأجل معاصيه ولأجل أن يزيد من رصيدها عنده .. والذنب يجر آخر والمعاصي تشتاق لفاعلها ..فتأتيه في كامل زينتها وعبير عطرها يزكم انفه فلا يري فيها إلا السعادة ولا يشعر وهو بين احضانها إلا بالمتعة . فبريقها يعمي العيون وصوتها يخطف الأسماع فلا يعلو صوت أخر فوقه حتي تأسره و تخطفه إلي أن تأمن تباعيته له و هي تخفي ورائها ما انسته إياه ثم تشده وتجره حتي يقع في غيابة الجب

وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (الزمر47)

قال القرطبي : وأصل الحق الدائر بالشيء المحيط به الذي لا يتوصل إليه إلا بعد أن يتخطى غيره فمثل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم المكاره والشهوات بذلك فالجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره والصبر عليها والنار لا ينجى منها إلا بفطم النفس عن مطلوباتها ، وقال ابن حجر : وهذا من جوامع كلم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس والحث على الطاعات وإن كرهتها وشقت عليها

فطريق الجنة – جعلنا الله من اهلها - لا ينبغي إلا أن يكون محفوف بالمكاره كالسائر في الصحراء طالب شربة ماء فتهاجمه السباع أوتقاتله الوحوش فإما أن يصل إلي الماء وإما أن تصرعه السباع أو يقتله الجوع والعطش

فالجنة غالية .. وكل غالي لا بد أن يُتعب من أجل الحصول عليه . فنحن نقول ان ما يأتي رخيص يذهب رخيص . والغالي أنت تقدره وتعرف قيمته فتسعي للحصول عليه و الوصول إلي كل ما يساعدك علي ذلك

أما طريق النار – اعاذنا الله منها – فطريق يسير لطالبه قصير مزود بكل الوسائل الخادعة التي بها تخطف لب سالكها وتظهر له السعادة وتخفي وراء ظهرها الشقاء والعذاب والندم فلا يلبث أن يفوق من وهم شهوتها وملاحقتها الدائمة له وتدللها عليه حتي يألفها ويألف بيتها فلا تزال تعطيه و لا تمنعه حتي إذا أراد أن يذوب فيها فتحت أبوابها فابتلعته بغتة فرأي منها وجه غير الوجه الذي طمست عقله به وذاق ما لم يتوقع أن يذوقه منها

ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (الدخان49)

وعلي الطريق لافتات .. ففي الطريق الأول لافتات تؤازر السالك وتعلي همته فتهون عليه مكاره ما يلقاه لأنه يعي ويدرك أن في آخره جنة وأن المشقة تجلب التيسير فيحتسب كل ما يلقاه فيه وكأنها رسوم عبور من الفناء إلي الخلود ومن التعب إلي الراحة .. من الدنيا إلي الجنة

أما الطريق الثاني فمعظم لافتاته تخبره أن لدينا أفضل المعاصي وأشهي الذنوب!! وبأرخص الأسعار . بل مجانا فقط تعالي !!! .... وأخري قليله تخبره أن ويحك ارجع فليس هذا هو طريقك أو أن نهايته كذا وكذا .. فمنهم من ينتبه ويرجع ومنهم من يغره الطريق وخوار قلبه وفساد نيته فيمضي مصراً علي الإستمتاع برحلته . ولا يكتفي بهذا فحسب بل قد يدمر كل اللافتات التي تقابله ويهاجم من يحملها حتي لا يراها أثناء سيره مرة أخري بل وحتي لا يراها غيره ممن يسيرون نفس طريقه فيرجعوا ويظل هو وحيداً

ومما يثير الإندهاش ان كل سالك منهما يعرف أن المقر واحد والمُدخل واحد .. يعلم أن الملتقي هناك .. في القبر حيث تختفي المكاره وتنكشف الشهوات ويبدا جني أولي ثمرات محصوله الذي حصده من بذرة هو يعلم جيدة صحتها من فسادها وأن الذي يسأله علام بكل ما كان من ظاهر وخفي وأنه لا ينام ولا ينسي ولا يظلم ولا يجور وأن سيوفيه أجر ما فعله

َيوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المجادلة 6)

فإليك أيها السالك قراءة الطريق . وإليك ما علمت في آخر الخط فاختر لنفسك طريق قد عرفت بدايتة

هناك 25 تعليقًا:

فرنسا هانم يقول...

اللهم ارزقنا طريق الجنه وابعدنا من طريق النار
وفعلا
الانسان مخير وغير مسير
فهو يختار طريقه بنفسه
اللهم الهمنا الطريق السليم

المستنصر بالله يقول...

حمدا لله على سلامتك ليه الغيبه الطويله دى
ربنا بارك فيك موضوع جميل قوى
اشعر بكل كلمه فى الموضوع لاننى للاسف كنت اسلك طريق الشهوات حتى من الله عليا وعافانى منها الحمد لله
ربنا يرزقنا الهدايه والاستقامه على الطريق
جزاك الله خيرا

عصفور المدينة يقول...

حمدا لله على سلامتك أخي أحمد

جزاك الله خيرا على هذه التذكرة الطيبة

بطوط حبوب يقول...

فى سير اعلام النبلاء يقول الذهبى بعد ترجمه سعد بن معاذ
كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين، ولا روع ولا ألم، ولا خوف.
سل ربك العافية، وأن يحشرنا في زمرة سعد

بنت الصالحين يقول...

فعلا والله

طريق الجنه صعب ومحفوف بالمكاره

اللهم اجعلنا علي طريق الحق والصواب اللهم لاتحيدنا عن الحق ياكريم

جزاك الله خيرا ورزقك الاخلاص اللهم امين

صاحب المضيفة يقول...

بارك الله فيك اخي الكريم

ونفع بك الدنيا جميعا


خواطر وأحاديث شيقة

بوركت الأنامل

la3lahakhier يقول...

جزيتم على التذكرة

عاشــــــ النقاب ـقــــة"نونو" يقول...

السلم عليكم اخي وحمد الل على السلامة
طرييق الجنة باذن الله
لو انه صعب لكن باذن الله ربنا يوفق
جزاكم الله خيرا على التذكرة

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - يبدو انك تنفست الصعداءيااخي احمد اهلا بعودتك -انا المشتاق لله.
من علامات المسلم قوة دين، وجزم في العمل وإيمان في يقين، وحكم في علم، وحسن في رفق، وإعطاء في حق، وقصد في غنى، وتحمل في فاقة (جوع) وإحسان في قدرة، وطاعة معها نصيحة، وتورع في رغبة، وتعفف وصبر في شدة. لا ترديه رغبته ولا يبدره لسانه، ولا يسبقه بصره، ولا يقلبه فرجه، ولا يميل به هواه، ولا يفضحه لسانه، ولا يستخفه حرصه، ولا تقصر به نغيته.
اخيرا والله فرحت جدا ان رئيت قلمك يكتب يااخي مرة اخري ولك مني السلام

مصطفى فتحي يقول...

ازيك يا احمد
حمد الله على السلامة
مش عايزك تزعل مني
انت حبيبي والله
انا اسف

خلاص بأة
خليك جميل

الربان يقول...

تحياتي

نسأل الله ان يهدينا جميعا سواء السبيل
ان يبصرنا طريق الجنة.. و يلزمنا به
و يباعد بيننا و بين النار كما باعد بين المشارق و المغارب...

ما أجمل و الذ التقوي...و ما افضلها
كنور علي طريق الجنة ان شاء الله.

اشكركم علي التذكرة...و إضاءة الطريق
للجميع بالموضوع الجميل.


تحياتي و تقديري

موناليزا يقول...

ساهم بتوقيعك في مطالبة الحكومة الهولندية بسن قوانين من شأنها حماية المسلمين من العبث بمقدساتهم الدينية خاصة ومن التجديف على الأديان عامة على الرابط التالي
http://kawlansadida.blogspot.com/2008/04/blog-post_21.html
وجزاكم الله عن إسلامكم خيراً"

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخى الحبيب أحمد
أرجو أن تلتمس لى عذراً فإنى تقصيرى فى المتابعة والتواصل ناتج عن انقطاع خط النت عندى منذ حوالى الشهر أو أكثر

وأدعو الله تعالى أن يهدنا جميعاً إلى طريق الهدايا وسبل الرضوان
تقبل تقديرى واحترامى
أخوك
محمد

غير معرف يقول...

حمد الله على السلامة وربنا يكرمنا جميعا

اوعى تفكر يقول...

طريق الجنه محفوف بالصعاب لكن ان شاء الله
نكون ماشيين فى الطريق الصح
بعيدا عن اى مطبات فى الطريق
جزيت خيرا

Unknown يقول...

اللهم انا نسالك رضاك والجنه ونعوذ بك ن سخطك والنار

جزاكم الله خييييرا

و عودا حميدا

Unknown يقول...

السلام عليكم

انا شايفة برده فى راى المتواضع ان الأنسان مخير مش مسير

د. إيمان مكاوي يقول...

اللهم إجعلنا من أهل طريق الجنه..
المهم إننا نعرف الطريق لأن فيه ناس كتير تايهه ..وهنا دور إللي عارف إنه يعرف إللي مش عارف الطريق ..وجزاك الله خيرا على مدونتك ..وجعلها في ميزان حسناتك ...
وياريت تشرف أم البنين بالزياره..

خالتى بمبة يقول...

جعلنا الله واياك من اهل الجنة بل من أهل الفردوس الاعلى انشاء الله وجعل ثواب هذه المدونة في ميزان حساناتك ورزقك الاخلاص

Maha يقول...

كلما تعبت أو أحسست بركون إلى الدنيا والراحة .. تذكرت أن الرجل من أهل الجنة يتكئ الإتكائة فيها 40 سنة لا يمل ويأتيه ما يشتهيه ..

الراحة لا تدرك بالراحة

وهذا ليس وقت الراحة ولا مكانها

:)

أفكار تثير الهمة

اللهم ارزقنا الفردوس وأعذنا من جهنم

***

عسى الغياب ما شر :)

بيتنا القديم يقول...

حمد لله على عودتك يا بطل..!!

ربنا يهدينا ويهدي بنا ويجعلنا هداة

مهتدين..!!

(:

لحظة يقول...

جزاك الله خيرا

كنت اظن انني وحدي من اختفي بالشهور

لعل المانع خيرا

صريح أوي يقول...

آآآآه بارك الله فيك أخي الكريم
وجعل ذلك في موازين حسناتك اللهم آمين

المهـ إلي الله ـاجر يقول...

السلام عليكم

الإخوة والاخوات الأفاضل

جزاكم الله خيرا علي تعليقاتكم الطيبة وسؤالكم عني واعتذر عن انقطاعي الطويل طيلة تلك الفترة علي امل التواصل الدائم إن شاء الله

المهـ إلي الله ـاجر يقول...

اخي الحبيب ريان

تعليقك ليس به ما يسي حتي احذفه أخي .. أنا لا اتكلم بشكل عنيف بل أتكلم بشكل صريح . وانا لسان حال ملايين التأبين . والكاتب عندما يكتب لا يعبر عن نفسه وفقط . فكل انسان يقرأ الكلام بشكل مختلف عن غيره . وقد يقع الكلام في قلب بمكان ولا يعبأ به غيري

هو أحد أسلوب الكتابات الدعوية ..

لكني أخي الحبيب لا أغضب من أي نقد فأنت أخ فاضل نحسبك علي خير


جزيت خيرا

لويس الرابع عشر .. والسجين .. وأنت

يُروي أن احد السجناء في عهد لويس الرابع عشر كان محكوماً عليه بالإعدام ومسجون في جناح قلعه هذا السجين لم يبق على موعد إعدامه سوى ...