الخميس، أكتوبر 25

الفتور

من منا لم تصيبه لحظات فتور في عبادته بعد أن كان صاحب همة عالية ؟ أعتقد أننا كلنا بإختلاف هممنا نشترك في ذلك ..لذا فلكي نتلافي مثل تلك النقاط ينبغي أن نشخص الداء ثم نقوم بالعلاج .. ولقد وقفت علي مقالة طيبة وددت ان أنقلها لكم هنا حتي يعم النفع إن شاء الله

(أسباب الفتور)

الوقوع في المعاصي وخاصة صغائر الذنوب.. قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه) رواه أحمد.فقد يفرح الإنسان أنه لا يقع في كبائر الذنوب -وله أن يفرح بذلك- ولكن لا يأخذ حذره من صغائر الذنوب ولا يبالى بها، وتؤدي به بعد ذلك إلى الفتور والتقصير في الطاعات، بل يمكن أن تؤدي به إلى فعل الكبائر

الغلو والتشدُّد في الدين قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) رواه أحمد؛ والغلو يكون بالانهماك في الطاعات وعدم إعطاء البدن الراحة الكافية للقيام بهذه الطاعات، فتؤثِّر الطاعات على الإنسان تأثيرًا عكسيًّا ولا تؤدي الغرض الذي من أجله تم فعلها، فتصيب النفس بحالةٍ من الكسل والدعة، وهو ما نطلق عليه الفتور.

الإسراف في المباحات وهو عكس السبب السابق ولكنه يؤدي إلى نفس النتيجة لأن الإسراف في المباحات يعوِّد النفس الراحة والكسل والخمول، وبالتالي ترك الطاعات أو عدم فعلها بالشكل والكيفية المطلوبة فينشأ في النفس حبٌّ لهذه المباحات واستثقالٌ للطاعات وعدم صبرٍ على أدائها، يقول المولى عز وجل: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المسرفين).

صحبة أصحاب المعاصي أو المسرفين في تعاطي المباحات لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه الترمذي، فإنك إن صاحبت صاحب المعصية فإما أن تقع معه فيها، وإما أن تراه يفعلها ولا تنكرها عليه؛ وكلاهما منكرٌ ويؤدي إلى الفتور.

قلّة تذكُّر الموت وأمور الآخرة؛ وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة) رواه أحمد، وفى رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة) رواه الترمذي

فتذكّر الموت والآخرة يجعل الإنسان دائمًا في شعورٍ حيٍ واتصالٍ وثيقٍ بالله لأنه يستقر في وجدانه أنه مهما طال عليه العمر فإنه ملاقى الله عز وجل وعدم تذكّر الموت والآخرة يؤدّي إلى نسيان الهدف من الحياة، وبالتالي إلى الفتور والكسل والدعة.وبعد؛ فهذه أهم الأسباب المؤدية إلى الفتور

وأما عن آثاره فهو يجعل الإنسان ينتقل من حالٍ إلى حال، ومن حركةٍ ودأبٍ إلى خمولٍ وكسل، ومن صلةٍ طيِّبةٍ وقويَّةٍ بالله إلى صلةٍ ضعيفةٍ به؛ وبالتالي ينقلب الميزان الذي يقيس به الإنسان أعماله وتصبح الأعمال السيئة أكثر من الأعمال الحسنة

هذه الآثار على المستوى الشخصي الإنسان، أما على مستوى الأمة فيصبح الشخص بعد أن كان أداةً للبناء والعمل والإصلاح والدعوة إلى الخير، أقول يصبح على أحسن الأحوال ساكنًا وخاملاً ولا يُصلح –إن لم يكن يفسد-؛ فيقل عدد المصلحين في الأمة، وهذا يؤثّر تأثيرًا مباشرًا على الأمة وعلى نهضتها وحضارتها وصعودها،

يقول أحد الصالحين: "يا ملح الأرض لا تفسدوا، فإن الملح إذا فسد لا يصلحه شيء".. فإن فسد المصلحون فمن يصلحهم ويقوِّمهم؟!!!* نصل بعد ذلك إلى التفكير في العلاج من هذا المرض العضال، و العلاج ابتداءً هو مخالف الأسباب، فكل سببٍ ذكرناه سابقًا من أسباب الفتور يكون فعل عكسه هو خطوة في طريق العلاج

ومع هذا لا بأس من ذكر بعض الوسائل العملية للعلاج بجانب ما سبق

عليك أن تبدأ كل عملٍ من الأعمال التعبديّة بشحن النفس تجاه هذا العمل، ولنأخذ مثالاً على ذلك بالصلاة.. فإذا قمت إلى الصلاة عليك أن تستحضر في ذهنك –أو تكتبها في ورقةٍ وتقرأها- كل الآيات والأحاديث الواردة في الصلاة، وفضلها، وثوابها، ووقتها، وفضل الخشوع فيها... ومن الأمثلة على ذلك:- (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين).- (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة على الخاشعين).- (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين).- (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا).- (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).

وهكذا بالنسبة لآيات الصلاة أو معظمها، أما الأحاديث:- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا) رواه مسلم.- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر) رواه مسلم.- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) متفق عليه.وهكذا بالنسبة لباقي الأحاديث أو معظمها؛ فإنك إن جمعت الآيات والأحاديث الواردة في الموضوع وكتبتها في ورقة وقرأتها قبل كل صلاة، فبذلك ستجدد بداخلك معاني الطاعات والعبادات كي لا تتحول العبادة إلى عادة، ولكن لتؤدي هذه الوسيلة ثمارها، فعليك بالمداومة عليها ومثل ذلك في باقي العبادات مثل الصوم والذكر... إلخ.

عليك كذلك قبل أن تبدأ في الأعمال التعبدية أن تسأل نفسك : لماذا أفعلها؟ وتحضر ورقةً وقلمًا وتدوّن كل نواياك في هذا العمل، وفكر في نوايا كثيرة وسجّلها، وستحصل على كميّةٍ كبيرةٍ من النوايا كنت غافلاً عنها وأنت تقوم بهذا العمل، فيساعدك هذا على استشعار قيمة هذا العمل وحجم الثواب الذي ستحصل عليه من ورائه، وسيزيد ذلك من إيمانك ومن إقبالك عليه

القراءة في كتب الرقائق والآخرة مثل كتاب "الإيمان أولا فكيف نبدأ به" للدكتور مجدي الهلالي، فإنه يعطيك صورةً جيِّدةً عن الإيمان، وكيفية تزويده، والوسائل العملية لذلك، ولا تنس أن تكون القراءة مع التطبيق لتتحقق الفائدة المرجوة.

كثرة الاستغفار والتسبيح والذكر، فإن هذه من أعمال اللسان التي لا تتطلّب وقتًا مخصصًا لها، ولكنها تفيد في صفاء القلب وخلوه من المعاصي والذنوب، فيمكن الإكثار منها في المواصلات وقبل النوم وفي كل حال


وأخيرًا، أدعو الله أن يزيد إيماننا، وأن يجعلنا من الصالحين المصلحين الذين يعيدون لهذه الأمة مجدها ورفعتها وسيادتهاودعواتكم لي بظهر الغيب

هناك 4 تعليقات:

Mohammad Aboul-wafa يقول...

جزاكم الله كل الخير

عصفور المدينة يقول...

جزاك الله خيرا وحشتنا
أحب أن أضيف سببين

أولا الإسراف في الوعظ والتبكيت والتقليل من قدر النفس

ثانيا وضع أهداف مبالغ فيها قد لا تكون متشددة ولكنها ليست مرحلية

كمن يضع لنفسه هدفا أن يستيقظ قبل الفجر بساعة ونومه ثقيل فلا يستيقظ أصلا للفجر
فواقعية الأهداف ومرحليتها مع العزيمة والدوام عليها وأيضا التنوع في الطاعات
يعين على دفع الفتور

محمد عبد الرحمن يقول...

بارك الله فيك ونفع بك
فعلا لا بد من ان نتقصى أسباب الفتور حتى لا يتسرب اليأس من الإصلاح إلى النفس وتتحول من نفس لوامة تدفع إلى إصلاح وتصويب إلى نفس يائسة تجلد صاحبها ولا تقدم له بصيص أمل

المهـ إلي الله ـاجر يقول...

السلام عليكم

الاخ الفاضل وفا

جزانا وأياكم اخي الفاضل


الحبيب عصفور المدينة

كلاماتك اضافة للموضوع كالعادة



الحبيب طال الليل

كلامك مظبوط أخي الحبيب .. والوقاية خير من العلاج


جزاكم الله خيرا جميعاً

لويس الرابع عشر .. والسجين .. وأنت

يُروي أن احد السجناء في عهد لويس الرابع عشر كان محكوماً عليه بالإعدام ومسجون في جناح قلعه هذا السجين لم يبق على موعد إعدامه سوى ...