منذ أيام طويلة وانا أتفقد حالي مع الله وحال قلبي من ذكر الله ومن سنة حبيبه فآنست جفوة أعترته منذ فترة ورأيتها نمت وكبرت حتي أصبح لها سطوة فيه وكلمة .. فذهبت أبحث عما يرقق لي قلبي ويجليه من صدأ الجمود والوحشة فهداني ربي كي اسمع عن الإخلاص قليلاً لعلي ألتمس بعضا من حلاوته ويفتح الله علي من فضله وجوده
وبينما وأنا مسترسل في السماع إذ قفزت إلي ذهني فكرة سيطرت علي تفكيري فجعلت تلح عليِ كي أتأملها عن كثب وأجتهد في إخراج فحواها وفوائدها
نظرت في حال كل من كان علي حال أي ما كان هذا الحال . سواء من كان يتقلب في فضل الله ونعمته ام من يتقلب في غضب الله ومقته فلمحت حجم التأثير الشديد الذي يطرأ عليه حال تحوله من حال لأخر فتذكرت حينها قول الله تعالي
َوالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (سورة الفرقان)
سبحان الله ! في اعتقادي أن هذه الآية قد تشير بطرف خفي إلي كيفية الإستفادة من اخطاء الماضي في مجابهة المستقبل ، فمن كانت له معاصي كالجبال منها كبائر كما تشير الآية ثم تاب إلي الله توبة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معاني و كيف تحولت تلك المعاصي وتبدل ما كان مكتوبا في الصحف من هنا إلي هناك فنقل ما كان مكتوبا في صحائف السيئات إلي أضعافاً مضاعفة مكتوبة في صحائف الحسنات .. والله يضاعف لمن يشاء
وسبحان الله العظيم منزل الكتاب والسنة علي نبيه صلي الله عليه وسلم وكيف أوضح لنا الفارق بين هذا التحول وتحول آخر كما قال الحبيب :
لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم و من جلدتكم و يأخذون من الليل كما تأخذون و لكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها
( صحيح ) 5028 صحيح الجامع
فحالة عجيبة من التحول تصيب كل من نوي التغيير بنوعيه . التغير الإيجابي والتغير السلبي
فجاء الإخلاص حداً فاصلاً يضبط الميزان الواجب وجوده في قلب كل مؤمن يسمو إلي الأخرة ويرجو لقاء ربه فأخبره أن من اخلص لله وفي الله ولم يتبدل أو يتغير أو يتشكل فكان مخلص علي جميع أحواله وتقلباته أخلصه الله له وحمد تغيره وأثابه عليه وأعانه علي أن ينميه في قلبه وأن يمحو به أي أثر لرياء أو سمعة أو شرك
وحينما تتامل التوبة النصوح الحقيقية وتنظر إليها من منظور آخر أكثر تدبراً وتعدياً لكونها وسيلة للتخلص من الذنوب فتجدها درباً رائعا من دروب الإخلاص لله تعالي . فكم سمعنا عن اناس رفعهم الله بفضل توبتهم الخالصة وإن لم يعملوا أعمالاً صالحة تبلغهم ما بلغوا إلا ان توبتهم الخالصة رفعتهم في مرتفع قد يجاور اناسا لهم من الحسنات كذا وكذا وهذا بفضل إخلاصهم النقي لله تعالي
ولذلك كثيراً ما تجد الخطاب النبوي يدلنا بشكل مباشر أو غير مباشر لهذا الامر . فتجد في الحديث الذي روته السيدة عائشة وهو في صحيح مسلم أنها قالت
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. فتقول له عائشة: يا رسول الله، إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء ، فهل تخاف؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وما يؤمنني يا عائشة ؟ وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ، إذا أراد أن يقلب قلب عبد قلبه
فإن هذا التحول والذي كان يخشاه الحبيب صلي الله عليه وسلم لنحن اجدر وأحق ان نخشي منه ونحن الذين لا نملك من أمور حياتنا شيء ولا نعرف علي اي حال ستختم أعمالنا . وهل سيحول الله صالح أعمالنا في الدنيا لخاتمة حسنة نقابله بها . أم سيقلبها إلي سيء نقترفه فنموت عليه فتختم حياتنا به
فاحذر ان تكون في وقت تُحول فيه من الله إلي غيره وأنت لا تدري . فلا أعظم من عقوبة يعاقب به العبد وهو لا يدري أنه واقع به العقاب
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك
هناك 12 تعليقًا:
جزاك الله خيرا اخى الكريم
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلبى على دينك
تحياتى
جزاك الله خيرا على موضوعك القيم بجد
بس انا عندى شوية اسأله بتباه محيرانى جدا .. يعنى ممكن اتكلم فيها لو مفيش فيها ازعاج ؟؟
يعنى مثلا الانسان هو الى بيهتدى ولا الله سبحانه وتعالى هو الذى يهدى .. رغم انك زكرت حال قلوب العباد وهى بين اصبعين الرحمن ..
لكن برضو مش قادره اوصل لإجابه ..
وكمان ازاى الانسان ممكن يتوب ايه الطريق الى الله بمعنى اصح ..
اكيد الاخلاص زى ما زكرت .. لكن ازاى يبتدى الانسان فى السير فى الطريق القويم
ارجو الاجابه على تساؤلى .. وانا عندى تساؤلات كتير على فكره لو يتسع صدرك لطرحها فىالمرات المقبله من زيارتى ان شاء الله ...
اللهم آمين
حمدا لله على سلامتك أخى الحبيب
الإخلاص عزيز وحرى بالمسلم أن يستفرغ الجهد فى تحقيقه وتخليص النفس من الشائب لأن قبول الأعمال مرتبط بالإخلاص
تخفنى جدا مسألة التقلب ويرعبنى جدا لتفكير فى مسألة التحويل ودما أفكر هل مك لمن ذاق حلاوة طاعة ما أن يتحمل مرارة الحرمان منها وما يدل عليه هذا الحرمان من خذلان وهوان
عدت تمتعنى كعادتك بما تكب
بارك الله فيك
أخي المستنصر بالله
جزانا واياك اخي الكريم وتقبل منك دعائك ان شاء الله
أخي احمد المسلم
جزاك الله خيرا علي مرورك الطيب
اخي الحبيب محمد طال الليل
الله يسلمك اخي محمد . ووالله انا الذي اتمتع بتعليقاتك وكلماتك في مدونتك وانت اخ اعتز بمعرفته جدا . جزاك الله عنا خيرا
أختي الطيبة قلب شاعرة
مفيش اي ازعاج مطلقا اختي الفاضلة. ممكن تتكلمي في أي امر يخطر علي بالك وساجتهد للرد بما يفتح الله علي به .
يمكن انا كنت هزعل لو مكنتيش سألتي في امر يراودك . فنحن جميعا اخوة في الله ومسئولون عن نفع بعضنا بعضا . وانا
متأكد أنني لو سألتك في امر ما ستجتهدي في محاولة الرد علي ان شاء الله
سألتي سؤالا رائعا ويشير إلي قلب صادق يريد المعرفة والوصول للطريق الصحيح
تكلمتي عن الهداية وسألتي هل هل هي من الأنسان نفسه ام من الله
بداية اختي فالله عز وجل من اسمائه (الهادي) اي انه الذي يهدي كل خلقه إليه فهو القائل في سورة طه
الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
فالهداية العامة بيد الله سبحانه وتعالي . وهي كما قسمها بعض اهل العلم إلي نوعين : هداية دلالة وهداية ارشاد
هداية الدلالة : وهي الهداية العامة كما ذكرت وبين الله تعالي في الآية . فالله تعالي دل كل خلقه عليه وهداهم الي ان
يعرفوا انه الخالق وهو الرب المعبود عن طريق التامل والتدبر في بديع خلقه واياته والتدبر في حلق الانسان والحياون
وسائر االمخلوقات فبذلك يهتدي كل قلب سليم وكل صاحب فطرة نظيفة إلي ان للكون خالق وفيهتدي إلي معرفته . وهذاالنوع من الهداية لا يمكن لأي انسان التدخل فيه مطلقا
اما هداية الارشاد : فهي التي خلق الله من اجلها الانبياء والرسال وانزل معهم الكتب ليرشدوا الناس إلي طريق الله
فيدعوهم ويكلموهم وينصحوهم
وهي الهداية التي يستخدمها كل داعي لله في أن يحدث الناس عن الله ورسوله وعن طريق الله وشرف عبادته وعن الجنة
والنار
والله عز وجل ربط مشيئة العباد بمشيئته فقال :
وما تشاؤون إلا ان يشاء الله
فالله عز وجل لا يرضي لعباده المعاصي والزلل . فهو الغفور الودود الذي يتودد إلينا ليل نهار ينتظر منا اشارة او بادرة ورغبه في العودة إليه و التحول والبحث عن طريق هدايته فهو الذي يبسط يده في النهارد ليتوب مسيء الله ويبسط يده في اليل ليتوب
مسيء النهار . وذلك كل ليلة
ولكن .
كيف يميز الله بين عباده المخلصين من غيرهم والطائين من سواهم ؟؟ انها الرغبة الباعثة لسلك طريق الهداية والنابعة
من داخل الانسان نفسه
فالله تعالي يقول :
إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم
لاحظي ان المفهوم من الأية ان الله لو شاء لهدانا جميعا في لمح البصر ولكنه يريد ان يجعلها من داخل كل انسان بقراره هو حتي يشعر بحلاوة هذا القرار ولا يشعر انه امر فرض عليه فلا يحس بقيمته ولا عظمته
صدقيني اختي الطيبة . إن الله عز وجل لو شعر بداخل كل واحد منا شعور التغيير والرغبة في ترك حاله الذي فيه إلي
حال افضل سيعينه الله عليه حتي لو كان هذا الانسان قرر ذلك ثم نسي بعدها . ما دام كان صادقا في شعوره وانه يريد
السير في طاعة الله
مجرد جلسة صادقة مع النفس لترتيب الاوراق ولحظة مناجاة مع الله وطلب السير في طريقه كافية لأن يعينك الله علي
معرفة طريقه والسير في درب هدايته
فالدعاء سلاح اكيد وفعال . ادع الله في كل حالك وناجيه وكلميه وطلبي منه الهداية والتوفيق والسداد فالله تعالي يحب عبده الذي يسأله ويلح في مسألته . فالدعاء وسيلة اكيدة لربط القلوب بربها
والتوبة اول طريق الهداية . التوبة القوية الحقيقية الحازمة وليست التوبة المترددة . التوبة الصادقة من القلب
التوبة التي هي ندم علي ما كان والأقلاع عن كل ما يغضب الله عز وجل والتعهد بعدم العودة إليه مرة أخري وحينها فقط
ستشعرين بعون الله وتوفيقه وتسديده لك فكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : لله أفرح بتوبه احدكم . يعني الله عز
وجل بيفرح لما الواحد منا بيتوب إليه . فهل صعب عليان ان نفرح رب العزة
وايه اكثر من اننا نفرحه بالإلتزام بتعاليمه والسير والعمل بما يحب ويرضي .. فالشاعر يقول : إن المحب لمن يحب مطيع
صدقيني اختي الطيبة . اكلمك بكلام من القلب . بكلام عايش كل اشكال الحياة من بعد او قرب منه . واعرف جيدا طعم الإعراض عنه واعرف جيدا جدا معني الإحساس بنور الله ومنته وكرمه وهدايته
اختي الطيبة .. اسمعي عن الله واقرئي عنه وعطري قلبك وعقلك بسنة نبيه .. فوالله لطريقه سهل ويسير علي من وفقه
الله تعالي لذلك
انا ركزت علي الإخلاص لأنها بداية كل عمل صالح .. فكلنا نريد الوصول إلي الله . ولكن بذرة الإخلاص لو نبتت في القلب
لن يعرفها إلا الله وسيعاملك من خلالها
ابدئي من الآن في حسم الامور والشروع فيها
اول واقوي واثبت وسائل الأتصال بالله هي الصلاة ثم الصلاة ثم الصلاة
والدعاء . السلاح الفعال والمثمر ..
اجعلي بينك وبين المعاصي حجاب وحد فاصل . وهذه هي التقوي .. اربطي نفسك بالله دائما . اجعلي حياتك كلها لله . فهي كذلك فعلا . ولكن الحياة تحاول دائما ان تأخذنا عن هذا المنطلق كي تضيع علينا الشعور بالسعادة مع الله
اسمعي للدعاة المخلصين الذين يساعدوا الواحد منا علي ترقيق قلبه
سارشح لك بعض الدعاة واسأل الله ان ينفعك بما ستسمعيه منهم
دكتور حازم شومان : وهو صاحب اسلوب ساحر في الدعوة إلي الله والتعريف بطرق الوصول اليه . يشعر الواحد انه
يستمع لأخيه او صاحبه . وهذا بفضل الأخلاص لله الذي يظهر في كل كلمة يقولها . جزاه اله نا خير
هذه صفحته:
http://www.way2allah.com/modules.php?name=Khotab&op=Author&id=4
ارشح لك هذا الشريط بعنوان : مستنيه ايه
http://www.way2allah.com/modules.php?name=Khotab&op=Detailes&khid=93
وهو ضمن سلسلة رائعة اسمها بداية الهداية
انصحك بسماعا كلها (:
http://www.way2allah.com/modules.php?name=Khotab&op=Series&id=62
والشيخ محمود المصري
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=114
بصراحة كل خطبه اميز من بعض
انصحك بالبداية الفورية بسماعهم .. وخذي ما في الكلام ولا تنتبهي لغيره وافتحي قلبك له وسيوفقك الله للسير علي
طريقه
اسأل الله عز وجل ان يوفقك ويثبتك ويعينك ويجعلك من عباده الصالحين المقربين
واسألك الدعاء لي بالهداية والتوفيق
اخوك
أخى الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله عنا خير الجزاء
ونفعنا الله وإياكم بالعلم النافع
ونسأله تعالى بقدرته وحوله
أن يثبت قلوبنا
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلبى على دينك
اللهم آمين
اللهم آمين...
لو أخلصنا لله فى عودتنا...
لارتفعنا وارتقينا..
دعوة طيبة ...وتأملات كريمة...
جزاكم الله خيرا...
وتقبلها منكم...
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك
المشتاق لله
إخواني الاحباء أ/ محمد الجرايحي ، الشيشان فخر الأمة ، مشتاق لله . جزاكم الله خيرا علي مروركم الطيب ونسال الله ان يرزقنا الإخلاص وأن يثبته في قلوبنا
موضوع جميل
جزيت كل الخير أخي
فعلا القلوب بين يدي مقلبها
ولا أحد يعلم كيف ساكون خاتمته
فقط نجتهد وندعو
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك
اللهم أحسن خاتمتنا
وفقت أخي دوما
جزاكم الله خيرا أخونا على هذه التدوينة .. فتح الله لك بها ويسر لك أمرك
نعم والله إن الإنسان يكون في أشد الحاجة للتذكرة برحمة الله عندما يبتعد عن الطاعات ويسرف في الذنوب
فالحمد لله أنه تواب رحيم غفور
***
آه شيء آخر .. مبارك على التصميم الجديد للمدونة .. جميل للغاية ^_^
إرسال تعليق